21 - 06 - 2024

تعا اشرب شاي | مقدورك ان تبقى مسجونا بين اللاب وبين التاب

تعا اشرب شاي | مقدورك ان تبقى مسجونا بين اللاب وبين التاب

(أرشيف المشهد)

  • 29-3-2016 | 19:36

غيداء سيدة تخطت سن الشباب بقليل ، ﻻ تتمتع بثمة جمال ظاهر ، فهى تحمل كتفين عريضتين يبرز من بينهما رأسها النحيف الذى ﻻ يتناسب مع جسدها الضخم ، فتبدو من بعيد كشماعة ملابس تحمل معطفا شتويا ثقيلا ، اما وجهها فهو لمن ﻻ يعرفها وجه غير مألوف ، فكانت تحمل عينين جاحظتين وانفا افطسا ، لذلك فقد عانت المسكينة فى طفولتها من معايرة زملائها حتى انهم كانوا يطلقون عليها لقب (طاسة البيض المقلى) اشارة الى عينيها الشديدتي البروز ولون جسدها الشديد البياض ، ولكنها كانت من اسرة ثرية فحظيت بعريس وسيم بعد ان كاد يفوتها قطار الزواج ، لذا فقد كانت تغار عليه من ماكينة الحلاقة الخاصة به.

اما نجلاء فقد كانت جميلة بحق ، اﻻ ان ذلك الجمال قد سبب لها كثيرا من المعاناة خاصة بعد طلاقها ، فقد كانت صديقاتها تخشين على أزواجهن ان يفتنوا بها ، فبعدت عنها حتى اقرب الصديقات إلى قلبها.

انطوت كل من غيداء ونجلاء على نفسيهما و اعتزلتا الحياة، وعندما ظهر الفيسبوك دخلت كلتاهما على مضض، بيد ان جمعهما "جروب" واحد معنى بمن يكابد متاعب نفسية ، و اسمه (انا مش قصير اوزعة، انا طويل واهبل) !

لم تدخل غيداء باسمها الحقيقى فأطلقت على نفسها لقب : (مقدورك ان تبقى مسجونا بين التاب وبين اللاب) ، وادعت انها انسة كى تراقب زوجها عن كثب حتى انه لم يتعرف عليها.

وكذبت نجلاء وادعت انها متزوجة ، واتخذت اسما مستعارا هى اﻻخرى : (راحوا الطيبين)، و اخفت كل منهما صورتها الحقيقية بالطبع.

كان من الطبيعى ان تصبح غيداء و نجلاء صديقتان حميمتان ، خاصة وقد صار العالم اﻻفتراضى هو كل حياتهما، فكانتا ﻻ يحلو لهما ارتشاف القهوة صباحا اﻻ معا امام شاشات الكمبيوتر وﻻ تنام كلتاهما اﻻ اذا القت السلام على اﻻخرى ، ودار جل حديثما عن اﻻخلاق الحميدة وتغير النفوس والطباع ، رغم ان كل منهما كانت فى الحقيقة تتمتع بلسان اطول من شريط خط السكة الحديدية التى تربط القاهرة بأسوان ، بيد ان كلتيهما لم تشأ ان تصارح اﻻخرى بآية معلومات صحيحة عن نفسها.

و ذات يوم إدعت نجلاء انها ستخرج مع صديقاتها المقربات الى السينما ، مما شجع غيداء على الكذب و زعمت هى اﻻخرى انها ستذهب الى مكتبة الجامعة حيث تستكمل دراستها العليا.

فى المساء شعرت نجلاء ببعض التحسن وبدأ الملل يتسرب اليها ، فدخلت على صفحة غيداء وكتبت : انتى فين يا مقدورك ان تبقى؟ فردت علياء من فوق سرير حجرة نومها : انا فى المكتبة يا راحوا ، ساحدثك عند عودتى. فاستبدلت نجلاء ملابسها وعقصت شعرها الذهبى الجميل و انطلقت الى الخارج.

لم تمر لحظات كثيرة عندما دخل زوج غيداء عليها الحجرة واخبرها انه فى سبيله للخروج ، وعندما رأت هندامه المنمق واشتمت رائحة عطره الأخاذ اصرت على الخروج معه.

اتجه محمود زوج غيداء بسيارته الى متجر ضخم للإلكترونيات ،

واثناء نزوله من السيارة اصطدم بفتاة رائعة الجمال فبدت على وجهه علامات اﻻعجاب ، و بسرعة الصوت عاجلته زوجته بصوت حاولت ان يكون منخفضا: انت عاجبك فيها ايه ؟ دى شبه انثى الضغدع.

ولكن للأسف سمعت الفتاة تلك الجملة فردت بسرعة البرق :طب الحمد لله انى شبه انثى اى حاجة ، حضرتك بقى شبه دكر البط ، ولو عرف انه شبهك حيشترك فورا في اقرب جيم.

ردت غيداء بغضب شديد: انتى شكلك عانس ومش ﻻقية اللى يلمك.

ردت الفتاة بكيد بالغ: والله اما ابقى عانس احسن ما افوز بعريس فى مسابقة لبان بم بم.

غيداء بإستهتار: بم بم دى تبقى خالتك.

الزوج موجها حديثه للفتاة : حرام عليك ، انا عملتلك ابه؟

الفتاة بلا مباﻻة : حرام عليا انا!! دا جوازك منها يعتبر من الكبائر.

الزوج بغضب : عيب كدة انت مش شايفة راجل ادامك!!

الفتاة ساخرة: ما قولنا كدة من اﻻول ، دا انت فيك انوثة عنها.

ردت غيداء وهى ترفع حقيبتها عاليا فى الهواء ثم تهوى بها على نافوخ الفتاة : وحياة أمى ﻻعرفك مين فينا الدكر، تعاليلى بقى.

انفضت المعركة بعد ان فقدت غيداء كمية ﻻ بأس بها من شعر رأسها ، كما انها احتفظت فى ذراعها بمقياس يصلح لعمل طقم اسنان كامل للفتاة.

و لكن تلك الخسائر تعتبر هينة بالنسبة لخسائر الفتاة ، هذا ان كان قد تبقى منها شيئ يذكر.

فى الصباح استيقظت غيداء مبكرا واتخذت مكانها امام شاشة الكمبيوتر واخذت تنادى: راحوا ، انتى فين يا راحوا ؟ غير انها لم تظهر اﻻ بعد يومين وكان لقاء حارا بين الطرفين. حيث اشتكت نجلاء لصديقتها انها خاضت معركة لم يخضها عنتر بنى عبس مع سيدة عديمة الذوق واﻻحساس ، تعاطفت غيداء معها للغاية واخبرتها انها اجتازت معركة حامية الوطيس هى اﻻخرى مع طالبة زميلتها كانت تريد ان تسطو على رسالتها.

ردت نجلاء بدهشة: مين دى اللى تستجرى تزعل قمر زيك ، دى اكيد حيوانة!!

ردت غيداء بامتنان: اذا كان انت اللى زى النسمة اتمدت ايد واحدة مجرمة عليك، الهى تتشل فى دراعها البعيدة.

نجلاء : ياريت كل الناس زيك وفى اخلاقك، بس حاقول ايه؟ الدنيا اتقلب حالها.

لم تستطع بالطبع كل من غيداء ونجلاء مصارحة اﻻخرى عن السبب الحقيقى للعلقة التى اخذتها ، فكلتاهما ﻻ تعرف حقيقة اﻻخرى.

القصة تبدو خيالية ولكن هل فكرت حقا عزيزى القارئ ، كيف سيكون لقاؤك بأقرب صديق لك على الفيسبوك لو اصطدمت كل من سيارتك وسيارته ، او احتل احدكما دور اﻻخر فى طابونة عيش؟

الأجدى أﻻ تفكر واستمتع بحياتك الوردية فى العالم اﻻفتراضى بعد أن ضاق بنا الواقع.

مقالات اخرى للكاتب

جاء فى مستوى الطالب الضعيف





اعلان